معلومة عن أشياء ستدركها فقط إذا خضت تجربة الإقلاع عن مواقع التواصل الاجتماعي!

معلومة عن أشياء ستدركها فقط إذا خضت تجربة الإقلاع عن مواقع التواصل الاجتماعي!


لا شك أنّ مواقع التواصل الاجتماعي قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا. الأمر الذي اجتاز حد الإدمان عند الكثير من الأشخاص حتى أنها تمثل الحياة بالنسبة لهم، بدءًا من فيسبوك وتويتر وإنستاجرام، وغيرهما من المواقع التي يظنون أنّهم لا يستطيعون الاستغناء عنها، ولكن هل حقًا لا مفر من استخدام هذة المواقع؟!

نعم، ففي هذا المقال سأعرض عليكم النتائج التي توصل إليها العديد ممن اتخذوا قرارهم بالإقلاع والبعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، وفضلوا خوض تجارب أكثر عمقًا وواقعية وإثارة في الحياة، وماذا ستلاحظ وتتعلم أنت إن خضت نفس التجربة. لنرى …

أولًا: تفقدك السيطرة على الوقت!

بالرغم من أنّ مواقع التواصل وسيلة جيدة لقضاء أوقات الفراغ، وتبقيك على تواصل مع الأقارب والأصدقاء والتعرف واكتساب علاقات جديدة حتى من دول أخرى، ومتابعة أخبارهم والأحداث بشكل عام وغيرها من الميزات التي لا نستطيع أن ننكرها، إلّا أن هذة المواقع تستخدم في التأثير على مستخدميها استراتيجية الدفع والجذب عن طريق الصور وروابط مقاطع الفيديو، وغيرها التي تتجدد باستمرار بطريقة ممتعة؛ فهي مُصممة بحيث لا تسمح لك بمغادرتها.

ثانيًا: مشتتات للانتباه، تقلل الإنتاجية!

لذا، فإنّ أول شيء ستلاحظه بعد إقلاعك عن هذه المواقع أنّها كانت مخرجًا أساسيًا للهروب من العمل والتسويف بالنسبة لك، وأنّ وقتك لم يعد ملكك لفترة طويلة، فأنت لم تعد تستخدمها لقضاء أوقات الفراغ (الإجازات وأوقات الراحة بعد أو بين فترات العمل)، بل إنّها تتسلل مع الوقت لشغل كامل يومك بحيث تصبح هي ما يشغل وقتك كله. يتخللها فترات بينية من العمل غير المُتقن غالبًا.

كما سيتبين لك أنّك بالفعل قد توقفت عن ممارسات كثيرة كزيارة موقعك المفضل والمواقع الإخبارية مكتفيًا بما تجده وتتبعه في آخر التحديثات الخاصة بك، كما ستصبح أوقات فراغك بلا قيمة تُذكر بعد أن كنت تقضيها في ممارسة رياضة أو الترويح عن نفسك بهواية كالرسم ومطالعة الكتب (غير أن قراءتك غير متأنية ولا محددة، بل مُختارة من قبل قوى خارجية وخوارزميات قد تتماشى مع اهتماماتك أو لا)، أو حتى مجرد الاسترخاء لتستعيد نشاطك للعمل من جديد.

ستشعر أنّك كنت قد تنازلت عن قدرتك على التحكم فيما تريد أن تراه وتركز انتباهك عليه حقًا، واستبدلت ذلك بتفضيلات وأخبار الأصدقاء والأهل والعلاقات المهنية ومجموعات المصالح والمنظمات في الفيسبوك، وغالبًا الصحفيين ومصادر أو جهات تتابعها في تويتر.

ثالثًا: موجهه للرأي

فعندما تصدر شخصية سياسية قرارًا ما أو شخصية عامة رأيًا فإنّك ستلاحظ أنّ معارضيه سيفسرونه بالطريقة التي تجعله مخطئًا وإن لم يكن كذلك، وفي نفس ذات الوقت سنجد حلفاءَه ومؤيديه باستطاعتهم تفسيره لصالحه، وسيبررون موقفه حتى وإن لم يكن على صواب بالفعل! في حين أنّك لا تحتاج إلّا لمتابعة موقع إخباري واحد موثوق لتعرف الخبر بالتفصيل، ومن ثم فتكوّن رأيك الخاص النابع من تفكيرك بدلًا من إضاعة الوقت في قراءة آخر منشورات يتم سردها بطريقة عاطفية تحوي آراءً شخصية مختلفة لا تتضمن رأيك. غالبًا تميل للمبالغة أو حتى تغيير الحقائق، أو تعمد عدم إظهارها كاملة بهدف دعم مؤيدين جدد للرأي.

فأغلب النقاشات عبر مواقع التواصل متحيزة غير حيادية بالمرة يطغى عليها طابع التطرف، فالناس تعلق سريعًا دون التأكد ويحكمون على المحتوى وحتى يقومون بمشاركته دون قراءة وفقًا لأحكام سابقة، فهي تعتمد على العاطفة وردود الأفعال غير المتأنية، وأنّ أغلب المنشورات التي تراها لا تمثل إلّا آراء واعتقادات لأفراد يبثون هوياتهم السياسية والمهنية … إلخ من خلال التعبير عن الغضب أو الثناء على حدث أو فكرة معينة، وإنّ هذا النوع من المنشورات لا يدعو للحوار بقدر ما يكون لبث الآراء وتقديم الأذواق الخاصة بهم، وتحديد وإثبات مكانتهم او أدوارهم ضمن فئات معينة.

لذا، فالانسحاب منها لن يُفقدك نقاشات فكرية هامة، بل فقط تكون قد تخطيت تجمعات بشرية، وبهذا ستتعزز ثقتك بوسائل الإعلام التقليدية والاطلاع على الأخبار على الطراز القديم من مطبوعات وصحف، وعدد قليل من التطبيقات أو مواقع الإنترنت المتخصصة بشكل مباشر. باختصار دون قصص وآراء المواقع الاجتماعية المستفزة للعواطف سيكون اختيارك الأفضل.

رابعًا: تضر بالصحة النفسية

أشارت دراسة لباحثين في مجال الصحة النفسية إلى أنّه كلما زاد عدد شبكات التواصل الاجتماعي التي تستخدمها وتتابعها، زاد احتمال تعرضك للإصابة بالقلق والاكتئاب، واستخدامك لأكثر من 7 منصّات يضاعف من هذا الاحتمال بمقدار ثلاث مرات أكثر مقارنًة بمن يتابع منصتين أو أقل.

إذ أنّ الإفراط في استخدام مثل هذة المنصّات الاجتماعية يؤدي إلى تشتيت الدماغ بين مهام متعددة، وهذا ينعكس بالسلب على صحة العقل وقدرته على الإدراك وتركيز الانتباه، ويحدث أن يتطور الوضع إلى سوء الحالة المزاجية، ومن ثم فالإصابة بالاكتئاب والعزلة. ذلك وفقًا لمسح أجراه فريق جامعة بيتسبرج بالولايات المتحدث الأمريكية -قسم بحوث الإعلام والتكنولوجيا والصحة- أمّا عن الأطفال فتركهم صغارًا مع الأجهزة الذكية يجعلهم أكثر عرضه للإصابة بمرض التوحد.

 خامسًا: تقلل الذكاء العاطفي

الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في التواصل مع الآخرين لا تضر فقط الحياة الاجتماعية، بل أيضًا الحياة العملية؛ لأنّها جعلت التواصل وجهًا لوجه أمر من الأمور المتعبة غاية في الصعوبة التي نتجنبها بشدة، فمن الأسهل إرسال رسالة إلكترونية لمدير العمل أو حتى البحث والتواصل مع الأصدقاء على هذة المواقع الافتراضية من التواصل في الحياة الواقعية، بل حتى تطور الموضوع لنجد شخصية حقيقية وأخرى افتراضية للإنسان ذاته!

كما أنّها تقلل من الثقة بالنفس؛ فمن الطبيعي أنّ لكل منا رغبة في نيل إعجاب وتأييد الآخرين على أفكارنا وآرائنا. لكن بانتشار شبكات التواصل صار هناك رغبة جامحة في ذلك، إلّا أنّ انعزال تلك المواقع يساعد في تقليل الجموح في معرفة آراء الآخرين.

وبالأخير …

ففي المجمل مواقع التواصل الاجتماعي هي وسيلة ممتعة وممتازة للتواصل وتقريب المسافات، واليوم هي أساس للعديد من الأعمال وطريقة ترويجية رائعة فقط لمن يستخدموها بتوازن. لذا، وبعد أن أدركنا خطور الإدمان على هذة المواقع، فلابد من أن نختتم هذا بخطوات للتخلص منه وإيجاد التوازن المطلوب، وهي:

  • كن صريحًا مع نفسك وحدد مستوى تعلقك بها.
  • لا تنشغل بكل ما تراه في هذة المواقع، بل كن دقيقًا وحدد بالضبط ما تريده منها ولا تلقي بالًا لسواه.
  • نظم وقتك وحدد الوقت الذي ستقضيه عليها دائمًا كل مرة قبل تسجيل الدخول.
  • لا تضيع الفرصة وتفاعل اجتماعيًا بشكل مباشر مع الآخرين.
  • سجل خروج وقاوم رغبتك في مطالعة ما هو جديد فيها، ولا تجعلها تشتت انتباهك، واجعل أوقات العمل وأوقات التواصل المباشر مع العائلة والأصدقاء وممارسة الهوايات الأولوية.
  • استبدلها تدريجيًا بهواياتك وبقية الاهتمامات الخاصة بك، أو حتى ابحث عن اهتمامات مختلفة وتعلم أشياء جديدة أكثر فائدة وواقعية من مواقع التواصل.
  • لا بأس بحذف بعض التطبيقات من هاتفك، واستخدام أحد التطبيقات التي تقوم بتفعيل حظر بعض المواقع الإلكترونية لفترة من الوقت.