نجحت الإجراءات الحكومية السورية في استعادة الليرة لأكثر من 50% من قيمتها خلال الأسابيع الأربعة الماضية، على عكس التوقعات التي سادت في أعقاب تطبيق الولايات المتحدة الأمريكي لقانون قيصر، الذي يفرض سلسلة من العقوبات المالية على الدولة السورية.
ووصل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء حوالي 1730 ليرة سورية، بعد أن وصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار في شهر حزيران/ يونيو الماضي حوالي 4000 ليرة مقابل كل دولار امريكي.
يشار إلى ان سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي اليوم الاحد 2 أغسطس/ آب وصل إلى حوالي 1730، وهو سعر قريب للغاية من السعر الذي حدده المصرف المركزي السوري، إذ صدر قراراً في تاريخ 17 حزيران بضرورة أن يلتزم الصرافين بصرف الدولار بـ 1413، مترافقاً مع حزمة قرارات صدرت عن الحكومة وساهمت جميعها حسب المراقبين بتحسن سعر صرف الليرة.
يشار إلى ان الأجهزة الأمنية السورية عززت من إجراءاتها الرقابية على أسواق صرف العملات أو ما يعرف في أوساط السوريين باسم "السوق السوداء".
وحصرت الحوالات الخارجية والتصريف بالشركات المعتمدة، كما منعت نقل المبالغ الكبيرة بين المدن والمحافظات، ضمن سياساتها لضبط أسعار الصرف.
وحسب المعطيات فإن أهم أسباب تحسن سعر صرف الليرة كانت الإجراءات الأمنية المشددة التي اعتمدتها الدولة السورية في مناطقه على حركة نقل وصرف النقد، بالإضافة إلى استفادته من حصر تسليم الحوالات بالجهات المعتمدة ما وفر له كتلة كبيرة من العملة الصعبة، إذ تشير التقديرات إلى أن قيمة الحوالات الشهرية من الخارج للسكان في مناطق السيطرة السورية تبلغ 18 مليون دولار تقريباً، بالإضافة طبعاً إلى عامل الدعم الخارجي الذي ما زال يمد شريان الدولة السورية الاقتصادي رغم تشديد العقوبات الاقتصادية عليه.
وعلى الرغم من تحسن سعر الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية إلا أن ذلك التحسن الكبير وغير المتوقع لم ينعكس على الأسواق المحلية التي كانت قد شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع والبضائع.
الليرة وحقيقة الارتفاع
ويرجح الكثير من المحللين الماليين أن يكون تحسن قيمة العملة المحلية ليس حقيقياً رغم أنه سجّل أرقاماً كبيرة، كما يشير في الوقت نفسه إلى أن العقوبات الجديدة التي فرضت على الدولة السورية لم تكن تستهدف الاقتصاد المحلي بالفعل.
ويرى الخبير الاقتصادي السوري الدكتور أسامة القاضي أن هذا الارتفاع في قيمة الليرة ليس حقيقياً ولم يحدث بالوسائل الاقتصادية الطبيعية، متوقعاً أن يكون مؤقتاً أيضاً طالما استمرّت الدولة في التعامل مع الوضع الاقتصادي بالمقاربة نفسها.
ويقول: إن "الجسد الاقتصادي الحي يستجيب لآليات العرض والطلب على السلع والبضائع والخدمات، وانخفاض قيمة العملة أو ارتفاعها لا بد أن ينعكس على قيمة السلع في ذلك الاقتصاد. لكن الحال في سوريا أن الاقتصاد وصل إلى ما يشبه الموت السريري، ولذلك فإن ارتفاع قيمة الليرة إلى النصف لم يؤد إلى أي انخفاض في الأسعار، ما يعني أنه ليس ارتفاعاً طبيعياً، بل قسرياً، وتحقق بأدوات أمنية وليست اقتصادية".