معلومة عن كيف تقوم بترسيخ أي عادة جديدة؟

معلومة عن كيف تقوم بترسيخ أي عادة جديدة؟


عندما تفتح عينيك بمجرّد استيقاظِك، من المُحتمل ألاَّ تقضي الكثيرَ من الوقتِ لتقرير ما إذا كنت ستأخذُ حمّاماً أو تفحَصَ هاتِفك. كلّ العادات التي اعتدت على فعلها، فذلك ما ستفعله، بكلِّ بساطة. فأنت تعمل على وضع الطيار الآلي.

تُعتبر هذه الإجراءات الروتينية والسُّلوكيات التي لا تعدُّ ولا تحصى وغيرها من السّلوكيات الأوتوماتيكية. إنّها تشمل كلّ شيء من الطريقة التي ترد بها على هاتفك إلى الأطعِمة التي تصل إإليها مباشرةً عند دخولك إلى متجر البقالة، وبدونها، فإنَّ عقلك يغرقُ تحتَ وطأة القراراتِ الصغيرة التي لا تعدُّ ولا تحصى التي تلقي بها الحياة عليك.

إذا اضطُررنا جميعًا لتقرير كلّ شيء نفعله في كلّ لحظة، فلن نكُون قادرين على العمل، فالعادات تحرِّر أدمغتنا للتفكير أو التركيز على أشياء أكثر أهمية. العادات، وبعبارةٍ أخرى، هي المهارات المبرمجة تطوُّريا.

بناءُ العادات الجديدة

إنَّ العادات هي إلى حدٍّ كبير نتاج مساراتٍ راسخة بعمقٍ في الدماغ، والتي هي نفسها مربُوطة بحزمٍ بالإشارات البيئية. عندما تصعد إلى سيارتك، على سبيل المثال، تقودك مشاهد وأصوات سيارتُك المألوفة إلى وضعِ حزامِ الأمان أو توصِيلِ هاتفك بالشاحن الخاص بها.

لقد توصّلت بعضُ الأبحاث إلى أنَّ الدوائر الموجودة في الدِّماغ والتي تتحكَّم في السلوكيات المعتادَة قد تتنافسُ فعليًا مع تلك الدوائر التي تتحكّم في سلوكياتٍ أكثر تعمُّدًا أي “موجّهة نحو الأهداف”.

لبناءِ عادةٍ جديدة، تحتاج إلى تكرار نفس السُّلوك في بيئةٍ ثابتة.

إذا لم تقُم بربطِ عاداتِك الجَديدَة بمعايير سياقِية محدَّدة – كما هو الحال قبلَ ذهابك إلى العمل، أو بعد انتهائِك من إعداد الأطباق ليلًا – فمن غير المرجَّح أن تلتزِم بها. إذا كنت تُحاول قراءة المزيد من الكتب، على سبيل المثال، فيمكن أن يكون كِلا الوقتين من كلّ يومٍ مراسًا جيدًا لتلك العَادَة الجديدة.

تكرار السُّلوكيات بهذه الطريقة يساعد على تكوين عاداتٍ من خلال إشراكِ مناطق متعدِّدة في المخ.

إنّ المواقف الرُّوتينية يمكن أن تحقِّق أفضَلَ العاداتِ الجَديدة. فلنفترِض أنّك تريد مُمارسة الرياضة مرتين في الأسبُوع، بدلاً من محاولة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كلّما سمح جدولُك الزّمني بذلك، ضع خطّة للذهاب مثلا، كلّ يوم ثلاثاء وخميس مباشرة بعد العمل.

من المفيد أيضًا تحديد التفاصيل الدقيقة لسلوكِك المأمُول. إذا كنت ترغبُ في تناوُل المزيد من الفاكهة في نظامك الغذائي، فاحرص على تناول تفاحة يوميًا مع الغداء. فكلّما كانت خطتك أكثر تحديدًا ووضوحًا، كلما زاد احتمال متابعتك لها.

في البداية، يكون مجرّد نسيان هدفك أو سلُوكِك الجديد عقبة كبيرة أخرى. ربما تكون لديك كلّ النيّة للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بعد العمل، ولكن في الليلة السّابقة لها نسيتَ حمل معدَّات التمرين معَك. هنا، يعدُّ إعداد الكثير من التذكيرات أو التّنبيهات فكرة جيدة.

يمكنك جدولة تذكيرٍ واحدٍ في الليلة السَّابقة لحزمِ العتاد الذي تحتاجُه.

ليس من الواضح كم من الوقت يستغرق الناس لتشكيل عادة جديدة. هناك خُرافة قديمة مفادها أنَّ فعل شيء يوميًا لمدة 21 يومًا سيجعلُهُ عادة. في الواقع، قد يستغرقُ الأمرُ عدة أسابيع أو أشهر حتى يُصبح السُّلوك الجديد أمرًا معتادًا حقًا – ممَّا يعني أنّك تفعل ذلك دون التفكير في الأمر.

في حين أنَّ تكوين عادة جدِيدة يبدو صعباً، فإنَّ كسر العادات السيئة غالباً ما يكون أكثر صُعُوبة. بمجرد وجود ارتباطٍ عقلي، من الصَّعب حقًا إزالته. ربما كنت معتادًا على قضاء كلّ ليلة على أريكتك تشاهد Netflix، في حين أنّ هناك أشياء أخرى يجبُ عليك فعلُها.

يمكن أن يساعدك،تبني سلوكٍ جديد لاستبدال السُّلوك غير المرغُوبِ فيه؛ فبدلاً من مجرّد محاولة عدم مشاهدة Netflix، يمكنُك وضعُ خطّة لقراءة كتابك المفضّل كلّ ليلة في ذلك الوقت.

عليك أنت تحاول فقط ربط المواقف

ولكن ربما تكون أفضل طَريقَة لكسرِ عادة سيّئة، هي تغيير أو تجنُّب الإشارات البيئية التي تؤدّي إلى سلوكِك غير المرغُوبِ فيه.

عندما تنتقلُ إلى مكانٍ أو وظيفة جديدة، فهذا وقتٌ يُعتبرُ رائعاً لتشكيلِ عاداتٍ جديدة لأنّ كلّ شيءٍ مختلف.

إذا لم يكن هذا النَّوع من التغيير الواسع النِّطاق ممكنًا، يمكن أن تُساعدك المتغيّرات الأصغر أيضًا. على سبيل المثال، إذا كان وضعُ السُّكر بكثرة في القهوة يمثّل مشكلة، فإنَّ الذهاب إلى مكانٍ جديد للقهوة من شأنه أن يسهِّل عليك تكوِين روتينٍ جديد.

حتى التغييرات البيئية البسِيطة يمكن أن تكُون مفيدة.

ربما كنت تُحاول شرب كميةٍ أقلّ من منتجات الألبان، لكنّك لا تزال بحاجةٍ إلى الاحتفاظ ببعض اللَّبن في الثلاجة. هنا يمكنُ لوضعِ اللبن في مكانٍ مختلف أن يبطئك ويُساعدك على تذكًُّر أنك لا تريد أن تشربه.

أخيرًا، إنَّ ربط المكافآت بسلوكياتٍ جديدة يمكن أن يعمَلَ العجائب.

إذا حاولت إنشاء عادةٍ لا تستمتعُ بها، فربما لن تنجح في ذلك. ولكن إذا كنت تستطيع أن تقرَن هذه العادة الجديدة بشيءٍ ممتع – فإن تكتيك “الإغراء” هذا – يمكن أن يحسِّن من احتمالاتِ تبنِّيك له.

ربما ترغبُ في سماعِ “مجموعة من البودكاست” حقًا، ولكنّك لم تستطِع أن تبدأ. هنا، اسمح لنفسك بالاستماع إليها أثناء وجودِك في صالة الألعاب الرياضية. بمُرُور الوقت، سيبدأُ عقلَكَ بربطِ هذا النشاط بالأشياءِ التي تحبُّها، وستجد أنك تتطلّع إلى قضاء الوقتِ في صالة الالعاب، بدلاً من الخوفِ منها.

العادات ليست سهلة التبنّي، وغالبًا ما تكون أكثر صعُوبة للكسر. ولكن مع التخطيط السليم، يمكنك القيام بالأمرين معًا.

جرّب الآن.