عقدت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين برئاسة محمود كامل ندوة لمناقشة مسرحية «يلا نلعب ثورة» للكاتبة الصحفية والأديبة هالة فهمي. بحضور كوكبة من المثقفين والنقاد، أبرزهم الدكتور محمد عبد الله حسين أستاذ الأدب والنقد الحديث بكلية دار العلوم جامعة المنيا ووكيلها السابق والدكتور عمر فرج الفنان وأستاذ النقد والدراما ورئيس قسم المسرح بآداب بني سويف وأدارتها الكاتبة الصحفية والروائية نفيسة عبد الفتاح.

قالت نفيسة عبد الفتاح، إن هالة فهمي تجيد اختيار عناوين أعمالها، إذ اعتبر هذا العمل من النوع المخادع، مؤكدة أن الكاتبة جعلت الجميع يتساءل، هل قصدت نشر كل هذه البراءة؟، مضيفة: «صدمتني عندما نكأت جراحنا التي تسببت بها تلك الثورة، فقد أعادتنا لحلم حلمناه جميعا بالتغيير وكشفت الوجه الآخر لمن باعوا الوطن بكل قبحهم واعترف أن الكاتبة مارست الخبث الفني في الكتابة وقد كتبت النص طازجا عام 2013 واستشرفت الكثير من الأحداث قبل طباعته.. هالة لها العديد من الإصدارات التي تجاوزت أكثر من عشرين كتابا ما بين القصة والرواية والمسرح والنثر الفني وأدب الطفل والدراسات الأدبية واعتبرها من كتابنا المخضرمين».

وأضاف الدكتور محمد عبد الله حسين: «لو نظرنا للعنوان يلا نلعب ثورة سنجد علامتي تعجب بعده، هما مفتاح قراءة الفضاء النصي.. هذا النص الدرامي فيه عمق التناول ورؤية لما حدث وما زال يحدث في مصر منذ يناير 2011 فالجميع حاول اختطاف الثورة التي قامت لأجل العيش والحرية والعدالة الإجتماعية.. فإذا الجميع يحولها العيش لنا وليس لمن حولنا والحرية لنا دون غيرنا والعدالة لفيصلنا دون غيره.. وأظهرت بعدها كل عيوب الشخصية المصرية، واوصح ان الكاتبة شاركت في الثورة ولها طبيعة ثورية لذلك وقفت وعرت المجتمع وكشفت فصام من يدعون الثورية وحب مصر.. فهذا العنوان كاشف يشعر المشاهد بأنه سيشاهد شيئا مغايرا حيث أن اللعب لا يتناسب مع الثورة ولذا وضعت علامتي التعجب، والألعاب كثيرة وخاصة الألعاب في التراث الشعبي إلا أن (نلعب ثورة) جمعت بين ضدين في ستة لوحات بالإضافة للوحة سابعة بعنوان فاصل ونثور».

وأكد حسين، أن الكاتبة استخدمت دلالات للأسماء التي رسمتها من لحم ودم وهناك شخصيات نكرات أطلقت عليهم ممثل واحد واثنين ولذلك دلالالته المقصودة بدقة.. وكذلك الأماكن التي وظفتها بشكل مدروس، وقد بدأت نصها ببيان التنحي وهى لحظة فاصلة في تاريخ مصر.. كما أن اختيارها لدلالة اسمي كل من البطلين.. وخاصة كمال الذي بدأ بدلالة وانتهى بدلالة بينما (عليا) هى مصر أم الدنيا التي تحملت وتتحمل، كما تحدث النص عن الأحزاب الكارتونية التي تشكلت فور انطلاق الثورة ومعظمها كان وراءه جماعات وأجندات خاصة.

وأوضح حسين، أن الكاتبة رصدت من باعوا المبادئ وأوضحت الأسباب التي قوضت الثورة من خلال كشفها لتلون الشخوص وكعادة هالة فهمي في الوقوف مع قضاي المرأة والدفاع عن دورها في خدمة المجتمع والاندماج فيه، جاء ذلك من خلال قصة الحب بين كمال وعليا واستحالة زواجهما بداية من أسباب توضح الاختلاف بين الشخصيتين ونهاية بأن عليا لا بمكن أن تتزوج من أفاق نصاب خائن.. فعليا في النص هي مصر بكل قدرها ورغم خضوعها للإخوان أو الفلول أو انخداعها بغيرهم إلا أنها تكشفهم وتسقطهم بكل طوائفهم.

تفاصيل مسرحية «يلا نلعب ثورة»

كشف محمد حسين أستاذ الأدب والنقد، أن هناك جمل كثيرة دالة منها جملة عليا لكمال مثل (هو اللي يبيع وطن يشتري حتة منه ليه؟!)، وفي اللوحة الأخيرة فاصل ونثور.. أكدت أنه رغم صعوبة الأحداث إلا أن الأمل موجود.وباستخدام فضاءات مسرحية دالة، مؤكدا أن هالة فهمي يصدق عليها قول أنها تتنفس بخمس رئات قصة ورواية ومسرح وشعر ودراسات، كما أنها تعشق السير في الطرقات الوعرة ويتضح هذا من اختيارها لنصوصها وقضاياها بكل الأشكال الأدبية التي تكتبها، قصة، مسرح، رواية، صحافة.

وشارك الدكتور عمر فرج برؤية مغايرة اتفق فيها في بعض النقاط واختلف أيضا مع دكتور محمد عبد الله حسين، مؤكدا أن هالة فهمي أرادت طرح فكرة تنتمي للمسرح الوثائقي التسجيلي وكتابته صعبة جدا تحتاج لجهد وقدرة فهي توثق وتؤرخ لنا بعد ثورة يناير حدثا تاريخيا هاما وقد بدأت نصها بعد نجاح الثمانية عشر يوما مستخدمة أدوات قامت بتوظيفها بذكاء شديد، فقد وضعت المؤلفة عينيها على خشبة المسرح وكسرت حدة الوثائقية المسرحية بقدرة خبيرة فعرفت الجمهور بمدة الثورة والأهداف وأسباب قيام الثورة والأحداث بشكل درامي يحسب لها

وأضاف فرج: «وبشكل ومضات توثيقة سريعة وقد أنصفت وكانت محايدة في ذكر مميزات وعيوب فترة حكم مبارك أو الإخوان أو غيرهم والحيادية في الوثائقية ضرورة للتأريخ الدرامي.. ونهايات اللوحات عندها قوية فهي تنهي الأولى بيسقط يسقط حكم العسكر واللوحة الثانية يسقط يسقط حكم المرشد وما بينهما من أجندات وحزمة من المنافقين راكبي الأمواج مثل شخصية كمال وممتاز وغيرهم من العملاء الخارجين وقدرتها على ذكر الرموز للتوثيق دون السقوط في المباشرة التي قد يقع فيها من يكتبون المسرح السياسي.. وخاصة حين تضع تعليمات للمخرج كوضع أغنية الكفار (لبيك اللهم هبل لبيك يحدونا الأمل، والايحاء بالعودة للجاهلية بحكم الإخوان وتدميرهم لحضارة مصر».

وأوضح فرج، أن الكاتبة لديها فكر سياسي واعي بحديثها عن سوريا والربيع العربي كله أيضا الكاتبة تنتمي لمدرسة محمود دياب ممن يتدخلون في عمل المخرج بوضع تعليمات له ولكنها لا تلزمه بها.. وتوظيفها للنكتة السياسية ورغم إعجابي بها إلا أنني أرى أن حذفها يسرع الإيقاع أكثر، مشيرا إلى أن الكاتبة واضح من مستوى العمل أنها متخصصة مسرح ودارسة للمسرح فهى تكتب بوعي وخبرة، ولأنه ليس هناك عملا كاملا.. نأخذ على النص الخلط أحيانا بين العامية الفصحى المسرحية كتبت باللهجة عامية.

وكشف الدكتور عمر فرج، أن المؤلفة تعتمد كسر الإيهام بين الخشبة والجمهور وهذا ينتمي لمدرسة بريخت وكنت أتمنى لو المسرحية أنتهت عند اللوحة السادسة عند جملة كمال الخائن( أنا قلت لهم عليا مش للبيع)، لكن اللوحة السابعة والأخيرة والمعنونة بفاصل ونثور ليس لها ضرورة من وجهة نظري، مؤكدا أن مميزات العمل هي لغة الحوار السريعة وهذا يدفع لمتعة المشاهدة وعدم الملل، فضلا عن اختيارها للوحات ذكي وهي تعي معنى المسرح وأهميته وتحتل مكانة كبيرة الآن بين كاتبات المسرح إن لم تكن الأهم الآن بعد غياب فتحية العسال.

تؤرخ ما حدث.. «يلا نلعب ثورة» لـ هالة فهمي في ندوة بنقابة الصحفيين