١٢٢٣اعتادت دولة الامارات ان تنظم مسابقة شعرية لشعراء العرب الشعبيون ، اختارت لها...

١٢٢٣
اعتادت دولة الامارات ان تنظم مسابقة شعرية لشعراء العرب الشعبيون ، اختارت لها اسم " شاعر المليون " وموضوعات المسابقه تتصل بالابداع الشعري ، والموضوعات الشعريه الحيوية التي يعيشها عرب الزمان ، والتي تملأ خواطرنا واذهاننا ونفوسنا جميعا ، وهي فضلا على ذلك ليست موضوعات نظرية او مشاعر فردية ، وان هي شديدة المساس بحياتنا الراهنه .. انها التجربة الكلية الشاملة التي نعيشها ، ونحن نعيشها افرادا وجماعات على حد سواء ، ومن ثَمَّ لا يمكن ان يقال ان المسابقة ضرب من العبث واللهو والبروز ، فمسابقة " شاعر المليون " لم تعرض عليهم موضوعات خارج اطار تجاربهم .
لا شك ان اية محاولة علمية لتحقيق التواصل الثقافي في حياتنا المعاصره لا بد لها ان تدرك بوعي عميق مكونات الثقافة العربية بما تتضمنه هذه الثقافة من تراث مدون وبما تحتويه من مأثورات شفاهيه ، فالمأثورات الشعبيه بطبيعتها كتعبير عن فكر ووجدان المجتمع ، تتوسل بمختلف وسائل التعبير من فنون قولية ، او غنائية او موسيقيه او تشكيليه او صناعات تطبيقيه ذات قيمة جماليه لتعبر معاً عن واقع الخبرة الثقافيه للانسان ، تلك الخبرة التي يمارسها تلقائيا في حياته اليومية الجاريه .
.. اصطلح الادباء ونقاد الادب من ادباء ومحدثين على ان يقسموا الادب الى قسمين : ادب خاصة ، وادب شعب ، ولا فارق عندهم بين هذين الادبين او القسمين ، الا من حيث اداة التعبير ، والادب الشعبي هو الذي يفهمه الشعب ويتأثرون به ، واني لشديد الاعجاب بالانواع الجيدة العاليه من هذا الادب التي تتوافر فيها الشروط المطلوبة في الادب من : صدق الشعور ، وحسن الذوق ، والخبرة بالموضوع والقدرة على عرضه باسلوب جميل ينبه العقول والعواطف ويحلق بها في اجواء لطيفة من التخيلات والتأملات ، وبذلك يكون له أثره المحمود المنشود في ترقية المدارك والعواطف والاذواق ، وفي اصلاح العادات والتقاليد وتربية الشعب تربية صحيحة ، فالادب الشعبي الحق ، اعني الادب الجدير بالانتساب الى الشعب هو الذي يعبر عن احساس الشعب ومختلف ميوله ورغباته ، وهو الذي ينظم اتجاهاته ويوحي اليه بالتسامي والتساند ، وسلوك اقوم السبل الى اكرم الغايات ، ولذلك يجب ان يكون هذا الادب صادرا عن شعور قومي صادق وعن فهم عميق دقيق لكل ما يعبر عنه من شؤون الشعب وشجونه كما يجب ان يكون تعبيره لطيفا جذّابا سائغا يحدث الاثر المطلوب في نفوس الشعب ، وهذا يقتضي ان يكون ، من حيث لغته واسلوبه ، بحيث يسهل على قارئيه وسامعيه ان يحسنوا فهم معانيه ومراميه ، او بحيث يطربون له ، ويعجبون به ، ويعلق باذهانهم الى ما شاء الله ، ... فالشعر الشعبي هو الذي ينظمه ويتناقله عامة الناس في معظم الجزيرة العربية ، وقد خاض الكثيرون في قضيته وتشتت بهم السبل واختلفت الآراء وتعددت الاصوات حتى استحالت احيانا الى ضجيج ولجاج ، وهذه قضية فكرية في منتهى الحساسيه ، وينبغي تناولها بمنتهى الحيطة والحذر. ، وبمنأى عن المشاحنات التي تزيد الامر تعقيدا وتشويشا ،. وكان المطلوب من شعرائه الابتعاد عن السفاسف والترهات ، وايجاد صيغة حضارية للنقاش والمحاورة ، واسلوب مؤدب لتطارح الآراء ، ومنهج علمي للبحث ، ومعالم محددة للدراسه ، نؤمن بها جميعا ، المطلوب هو مناقشة القضايا باسلوب موضوعي رصين ينير الطريق ، ويوضح الرؤية بعيدا عن المغالطات التاريخية والتعصب ، حقاً فالشعر الشعبي الذي ما نكاد نُلم به المامة يسيرة حتى يستهوينا بخصائصه الابداعيه وبراعته التصويريه وما يكتنفه من تعبير صادق عما تجيش به المشاعر وتفيض به العواطف ، ويختلج في النفوس من افراح واتراح في خضم الحياة ، وقد راض الافهام على قبوله واستعذابه ، وجعلها تنساق طواعية للتعلق برومانسيته الخلابة ، وواقعيته الجذابة ، ولغته السهلة المبسطه التي اتاحت له السيرورة ، فهو لم ينحدر الى حضيض التفاهة والابتذال حتى تعافه الاذواق الرفيعه ، ولم يرتفع الى مستوى التصنع والتحذلق حتى تمجه مدارك العامة بل هو لدى الجميع ذب مُسْتَمْرأ يعلق بالنفوس وياخذ بمجامع القلوب ، فالاديب يجد فيه لذته من سمو الخيال ، وجمال الابداع ، والعامي يدرك فيه سلوته من سهولة التعبير وروعة الإيقاع ، وقد التفت عميد الادب العربي الدكتور طه حسين الى ذلك في بحثه عن الحياة الادبية في جزيرة العرب حيث يقول. : " ولسوء الحظ لا يعني العلماء في الشرق العربي بهذا الادب الشعبي عناية ما ، لان لغته بعيدة عن القرآن الكريم ، وادباء المسلمين لم يستطيعوا ، بعد ، ان ينظروا الى الادب على انه غاية تطلب لنفسها ، وانما الادب عندهم وسيلة الى الدين .. والتفت اليه ابن خلدون في مقدمته ..
كانت مسابقة " شاعر المليون " وكان الشاعر المبدع : نجم جزاع الأسلمي ..