جرى بنا القطار الساعة الثالثة من صباح الاربعاء ، صحبة رفقائنا من دمشق ، وهم الشيخ شلاش العقيلي النجدي من قرية ( بريدة ) وقريبه الشاب عبدالله النجدي من قرية ( الرس ) ، وهما رفيقا نجد ، والشيخ محمد امين الرّبّو التاجر المدني ، وسليمان بن زيد واصله نجدي من قرية ( حائل ) وهما يؤمان البلد الطيب ، وقد صحبنا جنود القزاز ، وهم ثمانية نفر ، ومعهم زاد السفر ، وقد تدججوا بالسلاح ، حماية لانفسهم ولنا من اعراب تلك البطاح ، ولم يتيسر لنا ان نجتاز سحابة ذلك النهار ، اكثر من ثلاث محطات ، تبلغ ٥٥ كيلو ، وهي من معان ( ٤٦٤ ) كم من الشام ، الى غدير الحاج ( ٤٨٠ ) كم الى بئر الشّدَية ( ٤٩٢ ) كم ، الى العقبة ( ٥١٩ ) كم ، وكلها مواقف خربة ، عطلتها مدافع الحرب ، وسبب هذا البطء احصاء جسور الخط العامرة والخربة ، واخذ ارتفاعها ، ومعرفة ابعادها ، وكذا منشأت الحكومة ، وبيان ما تخرب منها ، وما يلزم لاصلاحه ، وصرنا نقف عند الجسور والامكنة الخربة وقوفا طويلا ، وحضرة المهندس يفصل القول فيما يكتبه تفصيلا ، فادركنا الغروب في ( العقبة ) وبتنا فيها ليلة الخميس في ١٣ جمادي الثانية عام ١٣٣٨هـ ، وقد تعطلت بعض آلات القطار فاصلحها السائق صباح الخميس
يوم الخميس في ١٣ جمادي الثانية عام ١٣٣٨ هـ
سار
بنا القطار الساعة الثانية صباحا ، واجتزنا في هذا النهار اربع محطات مسافتها ( ٥٦ ) كم ، وهي ( وادي الرتم ) ، ( وتل الشحم ) ، ( والرملات )، ( والمدورة ) ، وقد بتنا ليلة الجمعة في المدورة ، وكان سبب تأخرنا وبطئنا ملاحظة الامكنة المعطلة من جهة ، ونقل الرمال من السكة من جهة ثانية ، واول هذا الرمل الذي صادفناه في ( المدورة ) ، واخره بين ( وادي الشحم ) و ( بئر هرماس ) على مسافة عشرة كيلو مترات من كل منهما .
واقعتنا مع الاعراب من بني عطية
وما نبالي اذا ارواحنا سلمت
بما فقدناه من مال ومن نشب
في الساعة السادسة والنصف ( وقت الظهيرة ) من هذا اليوم الخميس ١٣ جمادي الثانية ١٣٣٨هـ نفر لنا بين تل الشحم والرملات ( ٥٥١- ٥٦٠ ) كم ، فئة قليلة من الاعراب راكبين فوق ظهور الأيانق والاباعر ، حاملين البنادق على اكتافهم ، والمسدسات والمدي بايديهم فوجهوا سلاحهم اولا نحو رئيس الحركة ، وآذنوه بالقتل اذا هو لم يقف ، فوقف قطاره مضطرا .
لم يكديقف القطار عن الحركة حتى انقضوا علينا منحدرين كالسيل الجارف ، والبرق الخاطف ، وهم يقولون : ( وش علومكم ، وش عندكم ، حنا ما نبغي غير الذهب ، فقال لهم بعضنا : نحن جماعة من الجنود والشيوخ نحمل المكاتيب من رؤساء العرب ، ومن سمو الامير فيصل ، لنوصلها لسمو الامير علي في المدينة المنورة ، من اجل اصلاح الطريق المدينة المنورة ودمشق - حاملا للمسافرين آمنين مطمئنين فيه على انفسهم واموالهم ، من الفوائد لكم ما لا يخفى عليكم، قال بعضهم هذا الكلام وباب القطار يحميه رجل منا ، وباقي الجنود يتهيئون بحمل بنادقهم وسائر سلاحهم للدفاع ، واذا ببعضهم يقول : افسحوا افتحوا لنرى من في القطار ، وانزلوا حارس الباب عنوة ، واخذوا الشيخ شلاش النجدي الى مكان بعيد ، ودار بينه وبين بعضهم حديث ، وتسلق بعض عفاريتهم سطح القطار ، وكسر نوافذ الزجاج ودخل شاهر السلاح وكسر الآخر زجاج النافذة الشمالية ودخل ، ثم هجمآخرون من الباب وبايديهم المسدسات والمدي ، فقال لهم احد الجنود : يا بني عطية : ستندمون على هذا العمل ، وستحرمون حقكم في المستقبل ، ولكنهم اخذوا يسلبون بلا مبالاة ، ويختارون ما خف حمله وغلا ثمنه ، بحال مخيفة مرعبة ، ووجوه وازياء تقشعر منها الابدان ، وساعة رهيبة تشيب لهولها الولدان ، ووجدوا معنا شيخا ضعيفا من عرب ( عنزة ) فقال بعضهم بصوت عال : ( حامد) وقال الآخر : حامد بن عبدالله ، فقالوا : اقتلوه ، فصوب بعضهم البندقية لقتله ، ومدّ الآخر المديةلذبحه ، قلت : ( انا ) : يا قوم لا تقتلوه ، قال لهم هو : ياقوم اننيرجل مريض فدعوني لا تقتلوني ، وليس لكم ثأر عندي ، ثم سلبوه اثنين واربعين جنيها ذهبا انكليزيا ، واربعة وتسعين مجيديا، وشبرية، ومحزوم بارود ، وحق ( ذهبة ) مجيدي ٢ ونصف ، وثلاثة عبي ( ٤٠ مجيدي ) وعقال عدد ١ وثوبين باليين .