ما اجمل هذا الهدوء على وجوه التجار الجدد ، هذا ابراهيم السيف يتاجر بصمت ويحسبه ا...

ما اجمل هذا الهدوء على وجوه التجار الجدد ، هذا ابراهيم السيف يتاجر بصمت ويحسبه الغير في هدوئه ذلة ، فاذا هو كل عز ، ويراه الطامعون اذعانا فاذا هو الاباء كل الإباء ، ( ودواء الغالي من البضائع الانصراف عنه ) ، فقد تعلم واتقن الدرس ، ما اجمل الصبر ومعالجة الابتسام بابتسام مثله ، الثقة بالنفس والصدق والجلد ذخيرة للنجاح والامل الظاميء وفوق هذا جمال التضامن والتعاون الذي لا يجد الضعف والفشل سبيلا اليه
ابراهيم ، التاجر الحائلي الشاب الجديد ، بدأ التعامل مع تجار بالثغر ارباحهم نزر يسير ، فكانت بضائعه في سوق حائل نافقة ، ومبيعاته ميسرة ، فلا جشع ولا طمع ، والكل ينتظر عودته بالرغائب والعروض ، ما آب من سفر الا ويزمعه عود الى سفر آخر ، فكأنه موكل بفناء الارض وطريق الحجاز .. تعطي حياته صورة من صور الكفاح والكرامة والقوة والخلق ، رأى التجارة دنيا جهاد تُمِرْ ، وتحلو مرارا ، وتقبل احيانا وتدبر احيانا ، فلا طمع يدفعه اذا احلوت ، بل يشكر الله على كل حال ، لكل شيء قيمته ، فللاخفاق درسه وعِظَته ، وللنجاح حلاوته وبشراه ، ولقد احسن في كل ما يوكل اليه ، من جهد الطاقة ، واتقن في الاختيار قدر الاستطاعة ، تحدوه الامانه والاخلاص ، فالنجاح ليس بالعمل الذي يتولاه المرء ، بل بالشخصية وجوهرها وممارسته ، فليس النجاح معلقا على وظيفة بالحكومة ، بل هي الصفات التي تتحلى بها النفوس الكبار ، والتخصص ، فلله هذا التاجر الشاب امانة ، وكسب حلال ، وربح قليل ، شعار آمن به ، واعتز وفاخر به مسلكا ، على ان الكثير من هذا النهج التجاري الكلاسيكي في مضاربة التجار تغير ، في العصر الحاضر ، بتطور وسائل التجارة والمحاسبة القانونية ، ومد شبكة الطرق السريعة بين المدن ، وتقنية الشحن ، واعتمادات البنوك ، والتامين ، والتخصص بفرع معين من صنوف السلع ، ولا مكان لنظرية : " سَْف ثريا الحامد " في اقتصاد التقنية الحديثة المتحولة ، وتجارة عالم البورصات والتجارة الالكترونية ، اليوم .
ان الحكم على اي مجتمع من اي ناحية من النواحي لا يكون صحيحا اذا لم يكن صدور هذا الحكم على ضوء ماضيه القريب ، بل وماضيه البعيد ، فقد يكشف هذا عن ان ما قد يبدو للعين المجردة كأنه طفرة كبيرة ، ليس الا تطورا طبيعيا لماضي المجتمع ، واستكمالا منطقيا لحلقة تطوره التدريجي العادي المتبع ، وقد يكشف النظر الى الماضي عن عكس ذلك تماما .
سعود بن مشعان الدخيل
حائل ١٤٤١/١٠/٢١ هـ
◦