[ad_1]

٢٤٤

قصر عليه تحية وسلام
نثرت عليه جمالها الايام

.. في تخوم " عقدة اجا " الى اقصى القرى وفي قلب حائل سلسلة من المعاقل والقصور شيدها ابناء البلد السلف ولا تزال اثار تلك القلاع قائمة الى اليوم ، مئات من تلك الحصون شيدت وقامت ثم هدمت واعيد بناؤها في المكان نفسه لان اهمية المكان لم تتغير عما بناه القدامى وكلها تعبر عما مر بها من الاحداث في ارض المعارك والاستبسال والكرم ومع ان تلك القصور المنيعة قد شيدت كلها داخل حدود الدولة فان مظهرها الخارجي له سمات العمارة العسكرية
.. وفي عقدة مقصورة " ال قنون " قهوة ومناخ بناء يبدو كاملا ، يعد بحق جوهرة القلاع ومن امنع الحصون يرمز الى عظمة اهل الدار وطموحهم اصبح اليوم حافزا للجيل الجديد من الاحفاد على شق الطريق الى المجد العتيد ، مبان تعاورها الازمان بالريح والقطر وغيَّرها التقادم والبلى منذ ١١٥٠هـ بين حمر الجبال وفروع النخيل ، لازلتِ في خفض ودعة ، يتهافت عليك ديم السماء وسحب طويلة الارعاد ، انار الله واديك بالربيع لتغنى به الجبال والوهاد فنراه ابهج واد ونرى به الأَنَس الذين تحبهم العين .. رايت اليوم حول القهوة والمناخ احفاد بناة كل منهم يكتم وجدا في الجوانح كالجمر وحبا لها ولهم ، في مضمر القلب باطن .
ما اوسع الدنيا على اهلها ،
الا حيي عقدة ثم حيي اهل المناخ فقد كان المناخ مأنوساً بالاباء والاجداد ، عليهم الرحمة والغفران ، ثم اصبح اليوم مانوساً بالاحفاد منهم :

الا انما الدنيا غضارة ايكة
اذا اخضر منها جانب جف جانب
فكم سخنت بالامس عين قريرة
وقرّت عيون دمعها بالامس ساكب
هي الدار ما الامال الا فجائع
عليها ، وما اللذات الا مصائب

.. ورث الاحفاد مجد الاباء وبناءهم فاحسنوا الصنيع وبادروا الى ترميمه واعادة اصلاح ابراجه ومنافعه ، يقابلك عند الباب لوحة نسب يزدادالاحفاد عنده شرفا وفي اعين الاخرين عظما وقدراً ، ما وفد منهم وافد الى كبير الا أُوثر وشفع ، تعرف في الرجل منهم من ابيه شمائلا من سماحة وبر ووفاء ونائل ..
لعمري لنعم الحي ، انه حصن حصين ومعقل يدعو صريخهم اذا ما الجار والمأكول ارهقته السنون ، شيوخ مضوا مواعيدهم " فعل " اذا ما تكلموا بتلك التي ان سُمِّيت "وجب الفعل" .. هم مثال الفكرة السليمة والوطنية القويمة والرجولة الكاملة والتضحية المؤمنة ، وبعيدا عن الاوطان في الزمن المحل ينزل القادمون على قصر ال قنون في اكرام وضيافة واقتفاء وبر حتى يحسبهم القادم اهله ولسان حال الضيف في رحلة العودة منهم يلهج بالثناء مرتجزاً :

جزى الله عنا مُضَيفا حين ازلقت
بنا نعلنا في الواطئين فزَلَّت
ابوا ان يملونا ولو ان أُمُّنا
تلاقي. الذي لاقوه منا لمَلَّتِ
هم خلطونا بالنفوس والجأوا
الى حجرات أدفأت وأظلت
وقالوا هلموا الدار حتى تبينوا
وتنجلي الغماء عما تجلت
سنجزي باحسان الايادي التي مضت
لها عندنا ما كبَّرت وأهلت

ما كان أحقنا ونحن نجني ثمرات الجهاد ونعقد اقواس النصر ونحي بطولة الرجال ونُحيّ ذكراهم ان نضع اكليلا من الزهر الندي على قبورهم ، هذه دورهم كان للعزة في افيائها مَرَاد وللنعمة في افنائها ربيع تناوحت عليها سوافي الرياح فطمست الشاهد وابهمت الاثر وهذه ذكرياتهم ملأت المسامع وعمرت القلوب حينا من الدهر ثم اوشكت اليوم لكنود الناس ان تغوص في لجج النسيان والعدم وهذه ارواحهم كانت في المحن السود تباكرنا بالعزاء وتراوحنا بالامل وتغادينا بالمعونة ... وعموما كل ما يكتب ويقال معاد مكرور ونحن نخجل من انفسنا عندما ندرك ما شاده الاسلاف ماثلة شخوصه اطلالا ، نحن في حاجة ليتعلم شبابنا كيف يكون الاهل وكيف تكون عقيدة الانسان وحياة الانسان ... نماذج كثيرة في الوطن اخشى ان ننساها فننسى انفسنا ولا ندرك قيمة وجودنا ثم نعود للبحث عن انفسنا فنجد ان حياتنا قد ضاعت لاننا اضعنا تراثنا وحياتنا ووجودنا ، لا امة بغير تراث ولا شعب بغير ثقافة ولا انسان بغير حضارة وان المشكلة الكبرى في حياة الشعب العربي هي انه اوشك ان يفقد نفسه ويضيع نفسه ويستسلم لحضارات مستوردة لا تستطيع ان تمنحه الوجود والبقاء وهذه هي اخطر المراحل التي يمر بها الناس ، جيل جديد يولد كل يوم ولا يعرف من اين اتى ويفتح عينيه فتبهره اضواء ليست من صنع يديه ولا من صنع ابويه ولكنها جاءت اليه من وراء البحار وهذا هو الخطر .

سعود مشعان المناحي
حائل في ١٤٣٧/٩/٥ هـ
[ad_2]