[ad_1]

٥٤٦

إلى جنة الخلد ياأباهيثم

.. كتب الفناء على العباد فكل نفس ذاهبه ، طوى الموت مابيننا وبين عبدالرحمن بن عبدالرحمن الفايز ، ثاو مضى والجود تلو له ، وليس لما تطوى المنية ناشر ، كان لنا صاحب ، فأودى به الدهر ، فقد الحبيب على العين قذاة ، وفي الفؤاد سهام ، نفّسته علينا أم المنايا فأنامته بعنف...
في وقفة الحزن ، يكون الحزن جليلاً او لايكون ، وأشهد أنه جليلاً كان ، والى المدى الابعد من الخيال ، ومن الظن ، ذلك أن الراحل كان صاحباً جلّ فقده ، في سيرة حياته والممات مايغني ، قد لعمري حكى لنا اول مرة غصص موت بنيه ، حين رأى الموت رأي العين لاستر دونه ، فحركني وضاعف من بثي واحزاني .. وسكن معهم لاحقا بهم ، طاب نفساً بالسلامة ، ورده الى الحزن دهر ليس يسلم سالمه ، معافاته يرحمه الله طوراً ، وبلاؤه طوراً
لله درك من فتى ، ابو هيثم ، فجعت به فجر الاربعاء لامثل يوم فجعت بخبره ، ولّيت موجعاً قد شجاني قرب عهدبه ويالله من بُعد تلاقٍ بموت لايرد بحرص ولا لرقيه ، فما النأي بالبعد المفرق بين الاحياء ، بل النأي من ضمت عليه الضرائح ، جراح الحزن في اللوعة الكبرى لاتؤمر ، لأنها فوق الأوامر والنواهي ، والدموع في تدفاق نهر الاسى ، عصية على كل تماسك ، وكل رباطة جأش ، وكل صمامات الامان من حديد كانت ، أو من لحم ودم .. ففي الصدر قلب وخافق وعاطفه ، وفيه مشاعر الاخوة المفجوعه فوق كل شيء..
كل حي مصيره للزوال وفراق لاعودة ، صادف مني نعي الفقيد غُصَّة لايسيغها شراب ، ولم يذهب مرارتها العسل ، لم ندرك فداحة المصاب به ، حتى حل المصاب وخلا منه المكان والزمان تاركا فراغاً بعد فراغ ولم يبق للناس في مسيرتك مكان ، معلقة الابصار بنعشك إلا أن تجف منها الافئدة من حزن ومن قلق ، ليس الأماني في البقاء - وإن مضت بها عادة - إلا أحاديث باطل ، وماذا بفقدك وكيف وقع المصاب على أهلك ومحبوك .. مضى موكبك يتهادى مهيباً حاشداً عامراً وجموع الاهل يرسلون قلوبهم معك الى المثوى الأخير لو يسع المثوى والى الرجاء وفي سعته الآلآء والرحمة والغفران لاعين إلا وقد باتت مؤرقة ، ولا قلب الا محزوناً ، حتى مطر السماء نزل مشاركاً الجموع ،
ذهبت الى بيت العزاء أريده ، رأيت الوفود بابواب المنزلين ، غلب العزاء وحيل دون تجلدي خانني صبري به فلم يبق لي إلا التأسف بعد أن فاضت دموعي ساكبة جزعاً لحادثة كفى حزناً بدفنه ونفض تراب قبره ، طوته خطوب الدهر بعد نشر ، ثوى ابو هيثم فثوى الجود والندى مضى طاهر الاثواب ، ثوى في الثرى من بعد أن سُربل العلى ،
عليه سلام الله ورحمته وبركاته
.. فالحر الكريم - مثله - ليس له عمر .. أرى الناس طرّاً حامدين للفقيد وماكلهم أفضت اليهم صنائعه بل (شهود الله في ارضه) تولى سحاب الجود ، وجاء سحاب الدمع ، بكيتك ياأبا هيثم بدمع عيني فما أغنى البكاء عليك شيئاً ، حلوم أضلتها الأماني ، ومدة تناهت ، وحتف أوشكت مقادره ،. ألا من لعين لاتجف دموعها عليه ، فجع به محبوه والمنية واجبة وكل امري تغتاله منها سهام صائبه
من حاكم وخصومي الدهر؟
نعاء الى كل مؤمن نعاء عمت مصيبته وعم موته والناس فيه معزى ، متى جئت في حاجة فأمري لايتجوز على أمره لم يخل الندى ساعة على يسره كان أو عسره ، ذهل زميله فلم ينقع غليلاً بعبرة واكبر ان يلقى أهله ناعياً به ، جف در الدنيا فقد اصبحت تكتال أرواحنا بغير حساب ، ابو هيثم شهاب لآل فايز خبا ، أعزز بفقده ، زهرة غضة تفتق عنها المجد في منبت انيق الحسن والجناب ، قصدته المنيه في ظلام حالك من الليل حياءً من معتمر عاد من البيت الحرام ، حتى وهبت حسن وجهه للتراب.
ياأم الفقيد أيتها الثكلى بين الأمهات تصبري فالصبر كما عرفناه فيك جميل كان ، وجميلاً يبقى على الدوام وياأيتها المرأة (التي برتها صروف الدهر من كل جانب) افنى كرام الناس حوداث تصيب كل العالمين ومانحن إلا منهم غير اننا إلى اجل ندعى فنجيب ، يا وحشه الدنيا على اسرته ، وكانت أنيسة به فما ذاك الهلال بطالع عليهم ، ولا ذاك الغمام بعائد ، فماجانب الدنيا بسهل ولا الضحى بطلق ولاماء الحياة ببارد عليهم بعده.
أحق منك - أبا هيثم - إنك لن ترانا على حال ولن نراك بأي حال ، غائب في قعر لحد ، لتهدأ الخواطر كل الخواطر ، ولتنبت خضر الآمال مكان يبسها ، فلا يكون بعد اليوم ظل من ريب ، أو عبارة من قنوط ، أو غاشيه من إشفاق لانه إذا كان شهاب قد سقط ، أو نجم قد توارى ، فان المجرة باقيه ان شاء الله وفي ضوئهما وهديهما العقب الصالح الخيِّر بعناية الله تعالى ولم يمت من له بقية صالحة ،. تعزوا سليمان وعبدالعزيز وحمود ، عن اخ باكرم حي ، انما هي حوادث ايام تدور صروفها ،
تعزوا ، عن أخ طالما سركم ذكره ، وصرتم اليوم اشجى لدى الذكر ، ففقد الشقيق غرام مايرام ، وفي ابيكم يرحمه الله معز عن الاخ ، ونحن وهم سواء ، اضحوا لنا سلفاً ، ونمسي لهم تبعاً ، وصرت اليوم أغدو الى قبره ، وكل سيمضي الى القبر..
[ad_2]