الوحدة اي وحدة  سواءً كانت بين افراد او شعوب -تظل من ناحية المبدأ شيءٌ محمود بل مطلوب ويتسق تماما مع الفطرة الانسانية السليمة ومع مصالح الشعوب والناس .

فالإنسان السوي لا يحب التمزق والفرقة والتشظي والكراهية..لكن والحديث يتم اليوم عن الوحدة ٢٢مايو فالخلاف يتمحور حول نوع هذه الوحدة،هل هي وحدة الحبر ام وحدة الدم؟. هل هي وحدة الوطن والشراكة الواحدة او وحدة الاستحواذ والضم والإلحاق وسيادة منطق : عودة الفرع الى الاصل والاستقواء بالعدد البشري والنيابي؟.

فوحدة ٢٢مايو٩٠م لا خلاف حولها مطلقا فقد كانت حقا هي حلم الجميع بالجنوب قبل الشمال، لكن الوحدة بنسخة ٩٤م الموحشة هي التي رفضها الجنوبيون بل ويرفضها العقل السليم وكثير من القوى والشخصيات الشمالية المنصفة وهي التي اُثيرت حولها الأشكالية ووضعت حولها الف سؤال وسؤال، فأوضاع ما بعد حرب ٩٤م كانت مثقلة بالجراح والغبن والشعور بالغربة داخل الوطن خصوصا بالجنوب،اقول هذا من واقع معايشة وليس رجما بالغيب أوالتجني..

 

…. فمعالجة ما أفسده المفسدون -شركاء حرب ٩٤م -هو ادنى مطلب يطالب به الجنوبيون اليوم، وإعادة صياغة جديدة من الشراكة- اتحدث عن شراكة وتعايش اجتماعي وليس بالضرورة عن وحدة- سياسية بين الشمال والجنوب فالوحدة كانت وستظل عبر العصور لا تفسدة مفاسدة الساسة.. بعيدا عن التمسك بجذع متهاوٍ عفن اسمه الثوابت وبالمرجعيات المزعومة ومنطق مدمر اسمه الوحدة او الموت.

نحن اليوم بالجنوب والشمال لا نمتلك قرارنا لا في في مسألة الوحدة ولا غيرها ولا نستطيع اعادة الأوضاع لا الى ما قبل ٩٠م ولا الى ما قبل او بعد ٩٤م و٢٠١٥م. فالقرار اضحى بيد قوى اقليمية ودولية طامعة تمتلك سطوة الهيمنة والإخضاع، وبالتالي التمسك بمنطق العودة الى ما بعد ٩٤م او ٩٠م هو ضرب من المستحيل في مثل هكذا وضع مريع، وعليه فالاسترشاد بالعقل والحوار بذهن منفتح خالٍ من الشعور بالغطرسة والاستعلاء او التحريض على كل ما هو شمالي للافلات من ربقة ما بعد هذه الحروب والتحرر من قبضة القوى الاقليمية والدولية هو الممكن والمطلوب، وتصفير عداد الحروب والصراعات والضغائن منذ عام ٩٤م وحتى اليوم. والتفكير بشراكة جديدة مبنية على كل الافتراضات اي افتراض العودة الى ما قبل ٩٤م او ٩٠م. فالوحدة الحقيقية هي وحدة اجتماعية قبل ان تكون سياسية.. ويجب ان تكون توافقية وتنسجم مع مصالح الناس وكفالة كرامتهم وحرياتهم العامة، وتنقية رواسب وشوائب وتبعات الصراعات السياسية القديمة هي المهمة المناطة على عاتق الجميع شمال وجنوبا.

بمناسبة يوم الوحدة المغدور بها … كلمة لا بد منها