ايدك الله ، لم تكن البركة حجر الفلاسفة ، وكيمياء السعادة ، او سرا مكنونا في الروح ، ولكن البركة كالروح نرى اثرها ، ونعجز عن ادراك كنهها ، فالبركة هي التوفيق ، فالرجل ذو الذريه المباركة ، بركته عبارة عن ان اولاده ورثوا من آبائهم وامهاتهم بذورا صالحة فكانوا في الحياة ناجحين موفقين ، والعمر المبارك هو الذي عرف صاحبه كيف يستغله ، والعمر غير المبارك هو الذي جهل صاحبه كيف يستغله .
حفظك الله وابناءك والاسرة الكريمة ، ومن وراءكم في خفض عيش ناعم مونق رغِد … وقاكم الله شر عيون الحساد الانجاس المناكيد ، ذوي العيون الليزرية التلقاعة الفتاكة ، تنصب له الحبائل حتى اذا اقبل وثب وثبة الذئب ، وختل ختل الضب دعواتنا لكم ايها الطيبين ، بدوام الحال ، ولمن وراء نجاح الرجل العظيم ، وقد جمعت مع المودة الصادقة ، رأيا حازما .. لك من كل قادم ازكى السلام والتحيات ، اسلم لكل فضيلة تعلو بها ، عزيز النفس ، والكاملون قليل .
سعود بن مشعان الدخيِّل
حائل ١٤٤٢/٤/٢١ هـ
حاشية :
ذهب الذين فضولهم معلومة
ولهم اذا قحط الزمان جِفان
ذهبوا فليس لهم نظير واحد
إذ لا تراهم ، لا ابا لك ، كانوا
لم يبق من اهل الفضائل والنهى
الا فلان باسمه وفلان

اهلا وسهلا ومرحبا بهالطلة ، الشيخ نادي .. جعلك الله بخير ، وعفو وعافية ،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
◦ اخ عربي شقيق ماجد وافي الخصال ، خدم بشرف واخلاص ، ارى الجود والوفاء نشاطا يعتري مثله ، حتى حن قلبه الينا ، يرد الثناء عبر الواتسب ، الى اهل الثناء بالمملكة ، ويخص حائل التي قضى بها عمر الشباب والكهولة وشطرا من حياته ، وقع الشيب على علاته مهلة ، فلم يثنيه أن يسلم على حائل واهل حائل ، وقد افرط في حبهم وعشرتهم الجميلة .
◦ ( الشيخ نادي ) معروف وعلم في مستشفى حائل العام خمس واربعين عاما ، يخدم الناس ، كل الناس في الطبابة ، بلا تواني ، يعرفه الناس ، ومن لا يعرف نادي ؟ ذاك النشط الطموح المخلص منذ وفد وعمل ، لم يمل بالنفس منه عن العلا .. سلوك طيب وخلق رائع ومودة ..
◦ نسيم الشكر محتضر اكنافه عند ( نادي ) ذاك الشيخ التقي الودود .. ذكر فتذكر قوم في حائل نادمهم وتعامل وعاش معهم احلى سنوات العمر ، الشباب والكهولة ، بعدما شرب ماء بئر سماح العذب ، ألا قاتل الله الهوى وحب الديار حيث اخلق ، ولم يخلق لدى الشيخ نادي ،
◦ في وطنه ، راع فؤده تفرق الاحباب ، فذكر شوقه مدينة حائل الجميلة بارضها واهلها الكرام ، يتنورها من بلاده ، هاج قلبه منازل كان بها ثم بان ، وبعد عنها ، وقضى الله الفراق .. مرحبا بالشيخ نادي وسلاما مني ومن قومي اهل حائل ، وعمرا مديدا وهناءة لكم .
اللواء المتقاعد
سعود بن مشعان الدخيل
حائل ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣ م

–✏قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
– رحمه الله تعالى-:
“هي أيام يسيرة ثم ارتحال، وينقضي زمن العمل إلى زمن الجزاء، ولكن اصبر وصابر حتى تنال ما يناله الصابرون“.

على مائدة الافطار ١٦ / ١٤٤٥
الفارس / خلف بن سعد العفنان
يرحمه الله
.. المثل الأعلى هو الصورة السامية او القدوة الحسنة التي يضعها الانسان امامه ليحتذيها وينهج نهجها ، محاولاً بلوغها وتحقيقها ، حتى يصير فاضلاً صالحا في حِسّه ونفسه ، فيصبح من الاوائل ، وهم خيار الناس وأفاضلهم ، والمثل الأعلى للانسان الحي العاقل الحسّاس ، لا يقف عند درجة معينه بل هو يوالي علوه وإرتفاعه ..
فالبطل يجد انه يحرض الناس على ان يتطلعوا الى الرفعه والتسامي والصلاح في الاعمال والاقوال والافكار، وألّا يقنعوا بالتافه او السفساف من الامور، بل عليهم ان يطلبوا معالي الامور ومكارم الاخلاق ومراتب الرفعه ، وعزة الاوطان
والحديث عن بطولات وطنيين أوفياء ، من بلادنا ، مضوا الى رحمه الله ، وبطولات لها تاريخ استطاعت بدوافعها وحوافزها ان تثير الهمم وتقوي العزايم: فالمواقف بعظمه اصحابها الابطال الذين خلدوا في التاريخ وفرضوا أسمائهم على سجل الزمن بدفاعهم المستميت ، وبذل النفس وحميد صفاتهم ، التي تفيض بها اخبارهم وتنبثق من سيرهم ومواقفهم الشجاعه المشرفه .. ( وَفَوْا مع الاول، وعاهدوا ، فوفوا مع التالي ) لا ضير .. مواقف، وصور بطوله، تدفع الى الخير وحب الوطن والتراب وتحرص على البر وتزين للناشئه ولابناء الجيل ان يتشبهوا بآبائهم واسلافهم في الغيرة على الوطن الكريم ، وان ينهجوا نهج الذين سبقوهم في الزمن من جهه، وسبقوهم الى التضيحه من جهة اخرى ، ولا شك ان عين كل غيور من المصلحين تتطلع الى أناس عصاميين لا الى ناس عظاميين .. الى أناس يقولون : كان لنا اباء أوفياء واجداد، وفي الوقت نفسه يقولون : وهنا نحن أولاء باعمالنا وجهودنا نسير على طريق أولئك الرعيل الصالح من الاباء ، وننسج على منوالهم حب الوطن ورفعته ، ولا نكتفي بالتفاخر او كلمات التكاثر
وكلما رجعت بعقلي وقلبي إلى التاريخ ، وانتقلت بعين خيالى إلى الماضى ، واستعرضت حياة الخالدين حماة الأوطان الذين سلفوا من الأجداد ، وطالعت صفحات مفاخرهم ومآثرهم وأمجادهم ومحامدهم ، أحسست أنى بالبطل الشجاع خلف بن سعد العفنان ، احدهم ، أرتفع عن مستوى الطين الملوث ، وأتنقل في آفاق عالية سامية ، كلها سناء وسنا ، وذكاء وحجا ، وبر وتقوى ، وإيمان وهدى ، وارتياح للجميل ، وحرص على المكرمات ، واستمساك بالفضائل ، وفناء في الخير ، وتضحية بالجليل ، مما يخيل للقصير النظر أو ضعيف الهمة أن هذا من ضروب الخيال ، وما هو من الخيال ، ولكن الحال غير الحال
الفرق بين بطولة الطبع ، وبطولة الموقف الطاريء التي تجود بها ظروف شاذة – لا يسهل الحصول عليها – والتي تهييء نصرا رخيصا أو غلبة عارضة ، ينخدع بها بعض الناس ، فيخلعون البطولة على من صادفهم بريقُ الحظ لا عناء الجِّد ومهما تكن الملابسات فان مثل هذه السمات العارضة لا تدل على أصالة الطبع ، وعظمة الجوهر ، وجدارة الاستحقاق ، ذلك ان اصحاب الطبائع العالية والمعادن النقية ، هم الحماة الذين يواجهون الشدائد مهما عظمت ، وينحتون الاسباب مهما بعدت ، ويقهرون الظروف مهما استعصت . وينتزعون النصر للوطن ، على اشلائهم وهو عزيز كالمستحيل أو اشد ..
كان الحق ، ولا يزال ، عبر التاريخ ياخذ مكانه نحو الظفر والعلو والخلود بقدر ما يمنحه أصحابه من التضحيات الغالية والعزائم الواثقة ، والثبات العنيد ، والحق قائم دائما في ضمائر أصحابه ونفوسهم ، لانه الوطن خلاصة وجودهم ، وجوهر حياتهم ، وهم وحدهم القادرون على الانتصار له والتضحية في سبيله ، ولا شيء غير الوطن
.. والانتصار للحق والوطن منذ كانت الحياة والى نهايتها يصنعه رجال في مقدمتهم دائما رجل قائد واحد هو خلاصة إرادتهم. ومضاء عزمهم ، ورمز أشواقهم .. وهم ، بوحدة الهدف فيما بينهم ، ووحدة الارادة . ووحدة الاشواق – كيان واحد في قمة جهازه العصبي ، ومزاجه النفسي ، ورؤيته الفكرية ، انه مجال حديثنا الرجل الانساني البطل المقدام خلف بن سعد العفنان ، يرحمه الله ، ذو المعدن الاصيل والتربة القوية .. نذكره لأن لهذا الاسم بريق ولمعان ، وماضٍ مجيد ، وحاضر يزدان بالسمو..

غفر الله ورحم اولئك الرجال الشرفاء الابطال المخلصين الأوفياء ، الملك عبدالعزيز ابن سعود ومن حوله ، شجاعة بلاد حدود ، وبطولة هي المثل الأعلى .. ونموذج في التضحية يحتذى به في المواطنة الصالحة والغيرة ، ضحوا بحياتهم وبذلوا دماءهم لتحرير الوطن وتوحيده مما نعيش فوق ارضه بامن وسلام ووئام
..

السلام عليكم ورحمه الله 👋
قال سبحانه: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون} (الروم:17-18).
🌼📌🌼📌🌼📌🌼📌
🌿هذه أذكار المساء يرحمكم الله سأذكر بها كل يوم وغداً سأنشر أذكار الصباح إن شاء الله ووقت النشر هو الوقت المستحب قراءتهم فيه وسأنشر فضائلهم في ما بعد.

🌿🌹السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…👋
🔻يجب علينا التفكّر والتدبر بآيات الله تعالى في القرآن الكريم؛ لأن فيها خبر من قبلنا وصلاح ما بيننا ونبأ ما بعدنا.
-خلاصة خطبة الجمعة لليوم “١١ رمضان ١٤٤٥”

🌄 أذكار المساء يرحمنا ويرحمكم الله 😊

🌄 أذكار المساء يرحمنا ويرحمكم الله 😊

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته 👋👋
🌹إخواني الأعزاء أعتذر عن النشر في مدة العشر الأواخر ما عدا منشورات الأذكار والسيرة وفقكم الله وأعانكم على الصيام والقيام والاغتنام.

٠٠٤
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي / ………….
اصبح التعليم والعلم غاية حياة ، فمن اراد الدنيا فعليه بالعلم ، ومن اراد الاخرة فعليه بالعلم ، ومن ارادهما معا فعليه بالعلم :
ما أشق الحياة لولا نسيم
من لدن أمهاتنا يهب نديا
سبحان الله ! ضجّت نساؤكم ، البارحة ، حين رأين ( الولد البكر ) يتهيأ لحمل حقائب السفر لمواصلة تعليمه الجامعي في بلاد برا ، ليبدأ طورا جديدا من اطوار حياته العديدة ، هو احفلها دون شك بالخصب والنماء ، ففيها يعتمد على نفسه مستقلا ، ويهتدي الى ذاته ، ويخصب فكره ..
، إلتقتا على ارض مطار الرياض لوداع المبتعث ، وللعويل ؛ خالته سيدة نساء الشمال ، واختها الام كوكب طويق ، لتودعا ابنهن البكر هذا ، شيخ اولاد ابيه ، يطير في بعثة دراسية الى بلاد العم سام ، ولعل ام كلثوم عنتْ هذا المشهد وتخيلت الموقف حين صدحتْ بلحن شجي النغم :
زهر الربيع يُرى أم سادة نُجُبٌ
وروضة. أينعت أم حفلة عجبُ
.. فلحياتنا هذه ايام مشهوره ترفرف علينا هزة الرضا نعالج العيش اطوار تقلبه باليسر والعسر ، والاحداث معرضة ، فيها اللين والشدة ،
استعين بذاكرتي ، وتتقافز حولي سرب من الذكريات ليلة ودعت أباه قبل ( ٣٦ عاما ) مضت ، كانت ليلة من ليالي شهر آذار والسحب مدجنة مطلخمة في جبال طويق ، وقد اسبطر الضباب فلوى ارض نجد ، والسماء .. نقلته بسيارتي الى مطار الرياض أُنيله ” هراديس ” ملابس الصوف لمواجهة برد وزمهرير مطارات اوروبا وامريكا ، وانقد الثمن الخيري في شراء دولاب حديد خ ، كان خلّفه وراءه ، وكنت اسدي الاب النصح وآداب العيش والسلوك الخلقي في ارض الغربة ، والتوجه والجد في التحصيل الدراسي ، وكل امريء سيعلم سعيه ، حين يكون سفيرا لوطنه
ما اشبه تلك الليلة !
وحزني على الاب ، بليلة البارحه ، وعويل الامهات على ابنه ، ألست تذكر ؟ على الابن سلامٌ ، وحمدٌ ، حيث حلّ وعلى الطائر الميمون والطالع السعد سفره الليلة .
سعود بن مشعان المناحي
حائل ١٤٢٨/١٢/٢١ هـ

🌿🤍السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…👋
“كالغَيثِ ذِكْرُكَ يا حَبيبي لمْ يَزَلْ
يَسْقي القلوبَ مَحَبَّةً ونَعِيمًا
يا سَيّدَ الثَّقلينِ حُزْتَ مَكانةً
ومقامَ عِزٍّ في النُّفوسِ عَظِيمًا
يا مَنْ سَلَكْتُمْ نَهْجهُ وَسَبِيلهُ
صَلُّوا عَليهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”
🔻اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم. 😌

قبض الله الى رحمته فهد الفائز ، يشق على النفوس المشيعة في عصر هذا اليوم ، الا يروه بينهم حاضرا كعادته معزيا ، اذ خطفته المنون فتفجعت عليه حائل الحَرَّة ، وبكاه الناس كلهم ، وخسره الخلق العالي ، ومضى رضوان الله عليه في عداد الخالدين من عيون البلد ، وانه لعزيز على منطقة حائل ان تفقد هذا العين الفعال ، احوج ما يكون الناس الى فضله وحضوره الدائم في كل مهمة ، وارجى ما يكون لتجربته ، فلقد صحب يرحمه الله الشأن الاجتماعي ، هنا ، منذ يفاعه ، فساير في المجتمع وقضاياه في مستهلها ، وحثّ في مختلف الميادين خطاه ، بيده ، وبماله ، وبصوته الرائع المميز ، ورأيه الموفق ، وكان جهاده في سبيل حائل بعيد الأثر في الكلمة الموفقة ، والمال المبذول ، اذ كان الفقيد فرع نبع يهتز في غصن المجد ، غزير الندى ، حقا ؛ في طليعة اهل الحل والعقد الذين حرصوا فيما يعاني الناس ، وطالما ناصر ودعم كل طلب .. ، واننا حين نعزي انفسنا عن فقد ذلكم الانسان العلم الأريحي ، الجليل القدر ، لنشعر ان مصاب اسرته فيه ، جزء من مصاب حائل جميعا في انسان غيور نزيه الغاية ، وطني شريف النزعة ، حر النجار ، فان اردت لقيته عند الشمائل للندى والمساعدة مملوكا .. امضى حياته لمدينته ، وتفرغ لمطالبها
مرة آخرى ، يعز علينا ان نفقد صافي الخليقة طيّب الخُبْر صديقنا الذي نعمنا به وعاصرناه فترة طويلة تمثل فيها حبه واخلاصه في خدمة موطنه ، والذود عنها مطالبا ، وسعيه الدائب لتحقيق اغراض وشؤون متشاجرة ومطالب ، كما تمثل نبل اخلاقه في المعاملة ، وكفايته في الحوار المثمر ، والاضطلاع في المهام ، على اختلاف نواحيها بدون اعتذار او تخلف .. وان حزننا لفقده ، وخسارتنا بوفاته ، لما يعجز التعبير عنه .. وهو وهم ونحن سواء ، غير انهم اضحوا لنا سلفا نمسي لهم تبعاً ، نسأل الله ان يلهمنا في مصابنا به العزاء الجميل ، وان يسكنه فسيح جناته ، انا لله وانا اليه راجعون ..
اخي فهد ، لقد كانت وفاتك الفجائية صدمة هزّت اعصابنا وتركت في نفوسنا اشد الحزن وأعمق الأسى ، كنت بيننا قبيل الوفاة سليما موفور الصحة ، لم يبد عليك اقل اثر للضعف ، ويبدو اننا في غمرة الحزن والأسى ننسى انه ليس للموت مواعيد ، وليس للأجل مواقيت ، فكم من رجل يخرج من بيته سليما معافى ثم يدركه الموت ، فلا يعود الى داره الا محمولا ، وكم من رجل يمسي وفي صدره آمال كبار ، ثم يصبح فاذا هو خبر من الاخبار .. هذه ارادة الله الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .. وانما هذه الجموع الحائلية خرجت تشيعك اليوم باكية ، بعد ما طالت مساعيك لهم ، وترد ديونك بالمثل ، تعترف لك حائل بالجميل في مناصرتها وتأييد قضاياها ، وما كنت الا نفحة من فضل عميم وخير عظيم ، فلتحي في القلوب خالدا .. لله قبر في مقبرة الزبارة ادركت نواحيه اقطار العلا والمآثر ..سقى جوده جود الغمام صوائب مزن ، وما ابقت الايام وجدا لواجد ، ولا صبرا لصابر من أُسىً كثرت ، وارزاء فَجْع قدحها في الضمائر .. فما جزع الجزوع من الليالي والايام بمحرزه ، ولا جلد الجليد .. ننكر ان تطرقنا المنايا فهل خلق احد للخلود ؟!
قد آن للصبر ان ترجى مثوبته ، اللهم ألهم حائل العزاء فيه واحسن العوض منه وانزله من الجنة منازل الابرار في عليين ..
سعود بن مشعان الدخيّل
حائل السبت ١٤٤٣/٤/٢٢ هـ
◦

هذا الكتاب كاملا وسننزل بإذن الله يوميا الصفحات المطلوب قراءتها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دونكم سنن يوم الجمعة:

الى ابي الوليد ..
رحم الله استاذنا الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي وقد غصّت رفوف دور الكتب لتوليفه ، وبحوثه ، وجمعه ، وكان ادباء مصر يلقبونه ( بقصاص الورق ) غيرة منهم وحسد علماء ، وبغض النظر عن الكم الهائل الذي دفع به الى المطابع ودور النشر ، فاني لا ارى في قراءتي لكتبه نكهة ترينا الجدة بخلاف سطور المبدعين طه حسين والعقاد والزيات ومحمد حسين هيكل ، والاديب الجدلي ( المناقر ) زكي مبارك ( حمض الادباء ) وغريم احمد امين .
استاذنا في مادة النقد الادبي عبدالرحمن رأفت الباشا ، إتّكأ في محاضرته النقد الادبي على مادة ومنهج كتاب ( النقد الادبي لسيد قطب ) .. لم اقرأ للعملاق عبدالرحمن الباشا غير بحثه رسالة الدكتوراة ( علي بن الجهم ، حياته وشعره ) دراسة وافية جدا ، وقد جاء بعد عملاق الشام جميل مردم بك حيث حقق ديوان ابن الجهم سيء الحظ .. الذي أتى عليه حين من الدهر مغمورا ، وان كان رابع اربعة عمروا بلاط الخليفة المتوكل العباسي ، بشعرهم وصوروا عصره بادبهم هم ( البحتري ، والحسين بن الضحاك ، ومروان بن ابي الجنوب ، وعلي بن الجهم ) .
في الديوان اتيح لابن الجهم في شعر السجن من الصور البديعة الرائعة الفريدة ، والالفاظ الموحية المعبرة ، والموسيقى الآسرة المصورة ما يؤكد ان العاطفة الصادقة تبحث لنفسها عن الادوات الصالحة القادرة على التعبير والنقل عنها ، ولا عجب في ان يقصر الشاعر مدائحه على الخلفاء دون غيرهم ، فهو من اسرة تتمتع بالجاه العريض والثروة الوافرة ، والمكانة المرموقة التي تجعلها هدفا للشعراء ومطمحا لانظارهم ، لا منبتاً لشاعر يقصد بشعره الناس ، اضف الى ذلك ان علي بن الجهم لم يتخذ الشعر اداة للتكسب ، وانما جعله وسيلة للتعبير عن مشاعره ، وسلاحا يشهره للدفاع عن معتقداته وتأييد معتنقيها ومناهضة خصومها ، وسجلا يدون فيه لحظات لهوه ومباذله ، ويصور في ثناياه ومضات مسراته ومباهجه ، حدد موقفه من الشعر تحديدا لا لبس فيه ولا غموض ، وذلك في رصافيته التي انشدها في مدح المتوكل :
وما انا ممن سار بالشعر ذكره
ولكن اشعاري يسير بها ذكري
وللشعر اتباع كثير ولم اكن
له تابعا في حال عُسر ولا يُسر
وما الشعر مما استظل بظله
ولا زادني قدرا ولا حط من قدري
ولكن احسان الخليفة جعفر
دعاني الى ما قلت فيه من الشعر
حيا الله ابن الجهم السيء الحظ وهو يعتمد الحوار اسلوبا للاداء الشعري ، وله في هذا المجال قدرة واضحة توحي بالقصة ، وتقترب منها احيانا ، وقد اكثر منه في شعره كثرة تلفت الانظار .
اشتقت الليلة لقراءة شعر ابن الجهم ، ديوانه المحقق بين يدي ، ولربما تذكرت ان استاذنا المرحوم الباشا ، الكارع في بحر الغزارة ، القادح بشعاع البراعة الذي يمر في محاضراته ودروسه علينا مر السيل في اندفاعه ، والشؤبوب في انصبابه ، لا يشكو الفشل ، ولا يكل على طول العمل ، اذا ازدحمت في المحاضرة عليه المطالب ، وعلقت بحواشي فكره المآرب وحشرت عليه الصعائب والغرائب ، استقل بها كاهله ، واضطلع بثقلها غاربه ، واعارها من نظره لمحة ، ومن فكره قدحة ثم رمى بها عن جانبه ، قد رَوِيَتْ بمائها ، ولبست شعاع بهائها ، وبقي كالقوة في المرقب ، سام نظره .. كم كان غريم اخي الطالب محمد الفهد في مادة البحث المقرر على طلبة البكالوريوس ، يتجافى النوم عن عيني محمد كلما ذكره ، فيواصل الاتمام ولو بعد مرور خمسة عقود من الزمن ( وكأن بحثه رصيد مالي معطل في بنك تجاري ) ..
وما رأيك ان نختم حديث الخواطر هذه الليلة ، ببيتين من شعر الطرماح بن حكيم الطائي ، وكان مثلك ، يصفي زوجته الهوى بارض الجبلين ، وقد قال القصيدة وهو ناءٍ عنها مغترب في كرمان بارض فارس ، شرح فيها هواه لها ، وشوقه اليها ، وحنينه الى لقائها .. ابيات تفيض بالحنان والحب ، وتنبض بمعاني التعلق والاخلاص ، زعج القصيدة عبر الاثير ، أثير بلا جوال او اتصال الا ما كان يفعله التلباثي بينهما :
كأن فؤادي بين أظفار طائر
اذا سنحت ذكراك من كل مسنح
وذكراك ما لم تسعف الدار بيننا
تباريح من عيش الحياة المبرح
قم الى منامك سامري ! فانجم هذا الليل حائرة تنتظر انتهاء المسامرة لتضيء طريقك الى بيتك .
ابو بندر سعود المشعان
حائل ١٤٤٣/٧/٢٢ هـ

الله يضيق عليك سويقات البَرّ
السخرية فرع من فروع الفكاهة المتعددة ، لا تقف عند الاتكاء على النادرة والدعابة والنكته ، وان استخدمتها جميعا ، بل تتسع لتصل الى نظرات نفاذة ، ورؤية شاملة ، وموقف نقدي ، واذا اتصفت السخرية في الكتابة بالفطنة واللماحية وسرعة البديهة والتألق الفكري ومرونة الصياغة اللغوية ، فليس ذلك ما يميزها من فروع الكتابة الفكاهية او الكوميدية الآخرى ، وذلك لان ميزتها “ اكتشاف “.الثغرات والعيوب ونقاط الضعف و” البرهنة “ على بطلانها ، وهجاؤها ، والوصول بالمتلقين عن طريق دهاء الاقتناص ، الى ازدراء تلك النقائص ، والجوانب السلبية ، مهما يكن الموقف مختلفا في البداية ، ولن تجد تضادا بين السخرية والجدية ، فهي تواجه الجدية المتصلبة الجامدة وتقدم وجهة نظر عميقة وليست مجرد عبث طائش او خفة مرحة . السخرية في مدلولها العرفي واضحة محددة ، لا تلتبس بمعنى آخر ، ويدور في فلكها ، بل يؤدي معناها عدة ألفاظ ، ابرزها التهكم والاستهزاء ، ولا شك ان السخرية اسلوب وسلاح عدائي ، مهما كانت دوافعها ، ومهما كان مقامها ، ومهما صغرت درجتها في العداء او كبُرتْ ، ويتميز عن غيره بانه مصوغ بروح الفكاهة ، ولكن هذا الاسلوب لا يتاح نفسيا ولا واقعيا الا لمن كان بيده زمام الموقف والذي يشعر بانه القوي القادر على الانتصار ..
( الله يضيق عليك سويقات البَرّ )
في سوق حائل القديم ، الزمن سنة ١٣٣٢ هـ ، دعاء يجأر به بدوي مظلوم ، خصمه فارس حرب شجاع مجرب ، وسويقات البَرّ تعني ( طرق ومسالك الصحراء ) والدعاء مثار استغراب هذا الحائلي الشجاع .. تنزى قلوب السامعين تطلعا الى اخباره ، ونوادره ، ومفاكهاته ، سخر من ثقافة ابن الصحراء الامي .. فالبر واسع الأرجاء ، مفتوح بلا طرق ولا جبال ، الا ما كان من حزون ، وآكام ، وهضاب ، وبديهي لسنا بحاجة الى براهين طويلة لاثبات ان البرّ مفتوح ،
والفروسية في الحرب من الهويات القاتلة اذ كان للفروسية عند العرب في الجاهلية المقام الاكبر ، والكلمة العليا بين العشائر ، كانوا يسجلون بطولتهم باشعارهم ، فتنتشر بين القبائل ويتغنى بها في سوق عكاظ ، وفي البادية والمدن ، وجاء الاسلام فأبان فضائل الفروسية ، ووجوب تعليمها لاطفال المسلمين ، ونشرها بين جميع الطبقات ، والوصاية بها ..
وبطل حديثنا من قوم يهينون النفوس بكل صدق ، نفوسهم غالية لو قومت بالبيع ، شجاعة تشكلت كهوية معمقة ، هي ما يجعل المقاتل ، اعتدادا بنفسه ، لا يرى انه غير متماثل مع اي مقاتل آخر ، وتلك مجاوزة الحقيقة فيما اعتقد ان يظن ،
ولا اظن انه من سخف القول او لغو الحديث ، ان اشير الى بعض الظروف الخاصة التي صاحبت تدوين هذه الخاطرة .. فقد كنت في الرياض لزيارة أعزاء .. وكالعادة في معيتي ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات القرشي ا ختار للقراءة منه قصائد ، فاعيد القراءة :
بغيض الي الشر حتى اذا أتى
فحل بداري قلتُ للشر : مرحبا
لكي يعلم الأقوام شَرِّي( ومأقطي)
اذا لم أجد الا على الشر مركبا
توقفت عند مفردة ؛ المأقط : جمعه مآقط .. وهو ( مضيق في الحرب ) .. عدت بالذاكرة الى سويقات البر ( المآقط ) ، التي ضاقت عليه الصحراءَ ، وسويقات البر بما رحبت ، للفرار كي ينجو بنفسه من هول معركة جراب سنة ١٣٣٣ هـ ، وهو من يحن الى ضرب السيوف القواضب ويصبوا الى طعن الرماح اللواعب ، فارس يشتاق كاسات المنون اذا صفت ودارت على رأسه سهام المصائب وهو يصف لنا حين تولى لا ممعناً هربا ولا مستسلم بل لاعادة التكتيك باسلوب قتالي آخر ، ويعطي القنا الخطي في الحرب حقه ، ويبري بحد السيف عرض مناكب الاعداء ، وفي النفس ما فيها من فضائل عزم لا تباع لضارع ، واسرار حزم ، برق حسامه صادقا غير كاذب ، ولكنها العثرات والانتكاس وسوء الحظ والوجل ، وخز ضمير قديم ، فلا حلال حلو او بارد عذب ، وانما دعوات المظلومين حاقت به واستجيبت من رب السماء لا سيما من قد سخر منه ، وظلمه ، واستهزأ به :
وضاقت الارض حتى كأن هاربهم
اذا رأى غير شيء ظنه رجلا
.. وبكى المقاتل للنائبات ، تذكر اذ اختلت موازين القوى بين المتقاتلين ، وفاض فرات الهاربين في ارض جراب من كل الاطراف ، وجاس باعلى نفود جراب بحار الرمال ..
ومن الحق ان اقول ان كثيرا من المواقف التي رواها الثقاة في القديم ، مدائحهم في كل أوب ووجهة ، يغني بها الركبان فوق الركائب .. تصلح ان تكون بحوثا مستقلة ، قد تكون أوفى من حديثها في سطور ، ولكن تقييدها ، هنا ، بزاوية معينة ، هي زاوية ارتباطها بالسخرية لا يتيح البسطة اكثر مما يتيحه هذا النطاق ..
حائل ١٤٤٢/٧/٢١ هـ