خليليَّ هل من حيلة تعلمانها ؛
عقوق زوج أم نشوز رفيقة العمر
الحسن عند الحضر اشبه بجنة وردها جنيّ ، وزهرها نَدِي ، يدخلُها الزائر فلا يعجب منها بزهرة ذات بهجة ، او وردة ذات نضرة ، إلا دعته اخرى أنضر منها وأصبح .. فاذا ذهب اليها يجتلي بحسنها ، ويتأمل شكلها ، لفتت نظره ثالثة ورابعة .. حتى يتصفح الحديقة باكملها ، ويقتلها نظرا وشمّا، والمرء يكلف بالحسن ، ويُغرم بالجمال …فاذا عاد الى قلبه ، ورجع الى نفسه ، ليعرف ايها أعلق بخاطره ، واملك لوجدانه ، حسبها هذه بل تلك ، ثم يختلط عليه الامر ، فلا يدري ايها احق بالرعاية ، وأولى بالاحتفاظ ، فينصرف وقلبه مسرور من البستان في جملته ، غير مغرم بزهرة معينة من زهوره الحسان .. وكذلك يمشي الحضري في متنزهات الحواضر والدول الأخرى فيرى من شتى الالوان في الحسن ، وفي مختلف الاشكال في الملاحة ، ما يملأ عينه ، ويبهر قلبه ، ثم يأوي الى بيتاً خلياً من الهوى بريئا من الصبابة ، كأن لم يسمع وسواس الحلي ، ولم ير لآلأء الجبين .. وقد فتنت قلبه احدى الفاتنات في تلك الاصقاع ، واستولت على لبه ، انفردت بقلبه دون قديمته ام البنين
هل تمزقت الأسباب بين قديمته وبين زوجها الكهل ، الذي ملأ قلبها وخيالها .. سؤال جديد رغم تكراره ، وصدمة جديدة ، رغم نفاذها الى العظام ، ذلك ان الحسرة الكاوية لا تنفك يتنازعها ، اليأس المستقر في الأعماق ، والآمال المتطايرة في الهواء كلما تطاير منها شعاع الأمل المتناثر ، ثم تعود لتستقر في الأعماق ، ثم تطفو مرة اخرى حتى تأوي الى مستقرها ، وقد ودعت النفس أخر امالها ، فلا تغادره الى الأبد .. انتهى ، كأنه لم يكن !! لا سبيل اليه أبدا .. ما اهون الامر عليه ، سوف يتحسن ما بين محوري الشرق والغرب ، قبل ان يتحسن ما بينهما ، هتفت بأسى صادقة :
_ ان المصادفات المشئومة والحظوظ السيئة ساقتك إلي وعرفتك بي ، ما كنت اظن ان امرءا تافها ستكون نتيجته وخيمة الى هذا الحد .. اختفت حياتي كلها وشبابي !! سُرقت ؛ سرقها ابن الكلب .. وأصبحتْ مريضة ، طريحة الفراش ، تحت رحمة الجيران .. كيف يُصر على التظاهر بعدما كان من طلاق حبيبته ام البنين ، لم نر شيئا كهذا العقوق من قبل .. ربنا يحمي ، تركها في وحدة مرعبة ، ما أبغض ذلك .. قامت الى مكتبتها التي تحوي رصيدا لا باس به من المسرحيات فضلا عن كتب التراث والتاريخ والروايات المترجمة ، مسحت دموعها وتناولت احد الكتب فقرأت :أ
( الحب أعظم تجربة في حياة الناس ، والقلب اكثر نواحي الطبيعة البشرية نبلا ، والعواطف هي أسمى عناصر الطبيعة الانسانية ، والإنسان الحكيم لا يتزوج من اجل الجمال وحده فقد يكون للجمال جاذبية قوية في البداية ، ثم يثبت بعد ذلك عدم أهميته النسبية ، والزواج من شخص وسيم بلا شخصية لا تزينه العاطفه ولا طبيعة طيبة خطأ جديرة بالرثاء ، فكما يحيل التعود المنظر الطبيعي الجميل الى شيء ممل الا اذا كانت هنالك طبيعة تشرق من خلاله، فجمال اليوم يصبح شيئا عاديا ، اما الطبيعة التي تكمن في الملامح العاديه فهي جميلة الى الأبد وهذا النوع من الجمال يتطور مع مرور الوقت ، والزمن لا يدمره ، بل ينضجه ، ولا يجب على الرجل أبدا ان يًُخْضع امرأة للتحليل العميق ، فالنساء اجهزة حساسة ينفث الرجال عواطفهم من خلالها والصمت يكون احيانا أفضل زينة للمرأة ..)
.. وأطبقت الكتاب وهي تتنهد في حزن عميق بالغ .. أطفأت الأنوار ، لم يعد صوتها يجلجل بخير او بشر ، تقوض عالم الخيال ، والأماني ، والاحلام ، تبخر سحره ، ران الأسى على كل قلب وهي تطرد من بيتها .. لتحل به اخرى من بلاد برا !! ادركت انها تغوص في اعماق مظلمة هتفت :
– ملعون يوم رأيتك ، ملعون يوم رجعت إليك ، ويوم ماكر شرير يوم لمحتك ..
واستسلمتْ لقدر ربها .
تدوين اللواء المتقاعد /
سعود بن مشعان المناحي
الحدث حقيقي ١٠٠٪؜ يحدث في المجتمعات بشكل فردي لا يرقى الى درجة الظاهرة .
لئن كان من موجبات الحزن الى ان انصرف الكتّاب عن تدوين الحوادث اليومية ، كما يفعل اصحاب المذكرات في الغرب ، فلم يعد في الامكان تصوير هذه الحالة الاجتماعية الفريدة ، كثير ما سمعنا بحالة مثل هذه بعينها ، فليت حكماء علوم النفس تناول تلك التجربة بالدراسة المستفيضة والبحوث المتواصلة للحياة الزوجية ، واستخراج الحلول المناسبة .. احمد الله ان وفقت على هذه الافاضة الوصفية المحزنة .. لم تكن ظاهرة بقدر ما تكون درساً مستفادا وعبرة لمن يعتبر .. فهذه امرأة ، زوجة ، ام بنينه ، عاشرت زوجها خمس عقود من الزمن ، وانتهت بالطلاق البائن ، بعدما اقترن بغيرها ، من بلاد برا ، واستغنى عنها ، وطرد رفيقة رحلته الاولى الطيبة صاحبة العشرة الطويلة ، طردت من منزل الزوجية شر طردة ، بلا ذنب جنته ، وخسر قديمته الاولى ، واصبحت حياته جحيما لا يطاق .. وكان عاقبة امره خسراً ،